حتى حينه، نجح رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون في «الكمين» الذي نصبه للحكومة لناحية تجاوبه مع تعيينها لجنة الرقابة على المصارف وامين عام لمجلس الوزراء، بحيث اتت نتائج هذا الكمين، ورغم اندراجه في سياق تسيير عمل مؤسسات الدولة، كدعم لحجة عون ان باستطاعة الحكومة تعيين قادة عسكريين وامنيين بدلا من اللجوء الى خيار التمديد غير القانوني وفق ما اعلن واعضاء تكتله مرارا.
ولذلك يتمسك عون بضرورة تعيين قائد جديد للجيش اللبناني ومدير عام لقوى الامن الداخلي، بحيث تنتهي خدمة اللواء ابراهيم بصبوص في السادس من حزيران المقبل، وتنتهي فترة خدمة العماد قهوجي في الثالث والعشرين من ايلول المقبل ايضا.
ولا يسلم عون بالقاعدة العامة المعتمدة منذ نشوء الجمهورية ان رئيس البلاد هو الذي يختار قائد الجيش طوال ولايته مع عدد من القادة الامنيين، وان اتفاق الطائف وما تبعه من تقليص لصلاحيات رئيس الجمهورية لم يطالا بعد هذا الحق المكتسب، ولذلك يصر على ضرورة تعيين قائد جديد للجيش على ان يكون قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز هو الضابط الذي سيخلف العماد قهوجي.
ونظرا لاهتمام المرشح ميشال عون بالوصول الى قصر بعبدا رئيسا للجمهورية واندفاعته لتعيين «صهره» روكز قائدا للجيش اللبناني، تتوازن عنده الحسابات، اذ ابعاد العماد قهوجي يزيل من امامه مرشحاً رئاسياً قد تنتجه التسوية في اي لحظة كما حصل في محطات سابقة، على شخص رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، ولذلك فهو يصر على ابعاد قهوجي من زاوية ان عدم تعيين روكز بسبب عدم حصوله على العدد الكافي من الاصوات، ام نتيجة خلاف القوة الحكومية، لا يلغي ضرورة عدم تسريح قائد الجيش، اذ لا يحق لوزير الدفاع سمير مقبل اتخاذ قرار بعدم صرف قائد الجيش في ظل حكومة قائمة خلافا لما كان عليه الامر لدى اتخاذ عضو تكتل التغيير وزير الدفاع السابق فايز غصن قرار عدم الصرف يومذاك، لأن الحكومة كانت مستقيلة ولا بد من هكذا خطوة.
ويراهن العماد عون على ان القوى السياسية وفي مقدمها «تيار المستقبل» سيتوافق على تعيين العميد روكز، بما يعني ان القوى المسيحية الحكومية في محور 14 آذار ستوافق حكماً، في حين تتردد معلومات عن أن رئيس حزب الكتائب اللبنانية امين الجميل، يميل نحو تعيين ضابط آخر مقرب اليه سياسياً ومناطقياً، في قيادة الجيش اللبناني، لكن رهان عون على موافقة القوات اللبنانية من خارج موقعها الحكومي، حسب اوساطه له وجهان: اولهما هو ان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يعرب عن موافقته لوصول روكز في حين هو يميل بقوة لبقاء قهوجي قائدا للجيش اللبناني ويفضله ايضا رئيساً للجمهورية، لكن جعجع، تتابع الاوساط ذاتها، يسعى مع القيادة السعودية للضغط على تيار المستقبل لعدم الموافقة على تعيين روكز قائداً للجيش اللبناني، لكونه رمزا من رموز المواجهة مع القوات زمن حروب عون، بما سيعيد الى الاذهان هذا المشهد، عدا ان تعيين روكز ونظرا لصلته العائلية بالعماد عون، معناه السيطرة مباشرة للجنرال و«حزب الله» على المؤسسة العسكرية.
وان كانت الرابية تضمن موافقة رئيس «اللقاء الوطني» النائب وليد جنبلاط على تعين روكز، فإن الموقف النهائي لوزراء الرئيس ميشال سليمان لا يبدو نهائيا، اذ ان رئيس الجمهورية السابق سيراعي تيار المستقبل في القرار هذا على ما ذكرت معلومات لمتابعي هذا الملف العسكري.
وفي حين لا يزال وزير الداخلية نهاد المشنوق يمتلك وقتا كافيا حتى السادس من حزيران لاتخاذ قرار تمديد خدمات اللواء بصبوص، او التسليم بواقع سيطرة العميد نبيل مظلوم على المديرية العامة لقوى الامن الداخلي فإن الاوساط المحيطة بالعماد عون، تجد في عدم تعيين روكز قائدا للجيش في مقابل عدم التمديد لقهوجي من شأنه ان «يولي» العميد عماد القعقور لكونه الاكبر سنا، على قيادة المؤسسة العسكرية، وهو الضابط الذي تولى شعبة التحقيقات في مديرية المخابرات زمن الوصاية السورية، «ونكل» بكل ناشطي التيار الوطني والقوات اللبنانية، لكن ثمة امر آخر هو ان العميد القعقور يدور في فلك مدير الامن العام الاسبق اللواء جميل السيد، فهل يقبله «تيار المستقبل» والقوات اللبنانية والولايات المتحدة الاميركية، وسائر القوى الغربية لتولي هذا المنصب...
هذا هو رهان العماد عون لوصول روكز الى قيادة المؤسسة، اضافة الى مؤهلات الأخير، رغم ان الاوساط المحيطة بعون لا تنكر على قهوجي دوره في حماية المؤسسة العسكرية وادارتها، خلافا لما كان عليه الواقع زمن قيادة كل من اميل لحود وميشال سليمان.
ولا يقف الحراك العسكري عند العماد عون فقط، الذي لم يوضح للقوى السياسية ما اذا كان يكتفي بتعيين روكز قائدا للجيش ليخرج من الشوط الرئاسي ويسهل انتخاب رئيس للبلاد، في ظل معلومات ان عون سيدفع لاحقا بروكز الى حقيبة الدفاع في حال عدم تعيينه وذلك من باب رد الاعتبار له، لا سيما ان عون كوّن قناعة مفادها ان روكز يدفع ثمن «محاصرته» له، اذ ان ثمة حراكاً لروكز جمعه مع عدد من السياسيين وبينهم من هم من «اللقاء الديموقراطي» او 14 آذار، بعد مساعي اصدقاء مشتركين بهدف تبيانه لرؤيته المستقبلية بعد ان يربط هؤلاء قراره كقائد للجيش بالعماد عون، اذ يردد روكز باستمرار «ستتفاجأون بي، لأنني عكس ما تتوقعون...».